
زارت امرأة صديقة لها تجيد الطبخ لتتعلم منها طريقة قلي السمك، وأثناء التحضير لاحظت أنها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل أن تضعها في المقلاة، فسألتها عن سبب قطعها لرأس السمكة وذيلها، فأجابتها بأنها لا تعلم، وأنها تعلمت ذلك من والدتها فطلبت منها صديقتها أن تسأل والدتها عن السبب، فاتصلت بوالدتها وسألتها، لكن الأم أيضا قالت إنها لا تعلم، وأنها تعلمت تلك الطريقة من أمها (الجدة)، وعندما سألوا الجدة عن السبب أجابت بكل بساطة: لأن مقلاتي كانت صغيرة ولا تكفي لكامل السمكة فكنت أقطع رأس السمكة وذيلها حتى تتسع لها المقلاة!
العادة السنوية في معظم الجهات وأماكن العمل هي التقييم السنوي لأداء الموظفين, يتم فيها اتباع مختلف أساليب التقييم وأكثرها انتشارا وتطبيق أحدث أساليب التقييم المطبقة في الشركات.
وفي هذه الأثناء ينسى المدير وصاحب الشركة ومدير المالية والموارد البشرية سبب وضع نظام التقييم في الأساس.
فيقوم بتطبيق أنظمة وأساليب بنيت وطبقت في بيئات وعلى فرق ومنظمات مختلفة, قاموا بتجاربهم واختاروا الأسلوب المناسب لهم.
اختيار وتطبيق نظام معين بدون معرفة السبب وراء عملية بناء هذا النظام, يشبه كثيرا قطع رأس السمكة.
لماذا يتم تقييم الموظف؟
بالجواب على هذا السؤال ستتمكن من بناء طريقة تقييم تناسب الهدف الذي ترغب فيه من هذه العميلة.
اسمح لي من هنا أن ضع هدفي شخصيا من وجود نظام التقييم السنوي, وهو تحفيز الموظفين للخروج بأفضل أداء ممكن.
ومن الصعب جدا أن تعامل الموظفين بنفس نظام التقييم, فكل موظف له خصائصه ومميزاته, بين السريع والمنجز والدقيق والتحليلي وغيرها من الشخصيات التي وجودها جميعها يخدم بناء منظومة بمهارات منوعة للتطوير حلول نوعية وإبداعية للتحديات المختلفة.
كشخص يبحث عن الحصول على أفضل أداء من أفراد فريقه, من الضروري جدا أن تقوم ببناء أسلوب تقييم يعظم مصلحة الموظف.
لتتضح فكرة تعظيم مصلحة الموظف, دعنا نأخذ مثال على نظام لا يحقق ذلك, نظام تقييم يقيم الموظفين على ثلاث درجات, أقلية مميزة, أغلبية ذات أداء متوسط, أقلية ذات أداء منخفض (تعرف بـ bell curve)
هنا يتم تعظيم مصلحة الشركة والتأكد من حصول أقلية من الموظفين على الحوافز والمميزات وعدم تضرر الشركة من هذه العملية.
هذا مجرد مثال واحد من عدة أنظمة تحمل مبدأ مشابه من المحافظة على مصلحة الشركة, تفقد فيها الأنظمة التركيز على مصلحة الموظف, وربما تثبط أو تخسر الموظف.
فعلى سبيل المثال لو قمنا بتطبيق bell curve فسيضطر المقيم إلى تقييم جميع الموظفين نفس المعيار, وسيضطر لتقييم جميع الموظفين بمهامهم المختلفة على نفس البنود, وسيضطر لوضع أسباب لتبرير تقييم الموظف كمتوسط أو سيء الأداء, وغيرها الكثير من الأمور التي سيضطر للقيام بها في سبيل تقييم الموظف, والتي ربما يخسر من خلالها الموظف بالأداة التي كان الهدف منها في المقام الأول تحفيزه.
لذلك أنظمة التقييم كقطع رأس السمكة, تجارب فيها من الصواب والخطأ, كقائد فريق يهمك أن تجمع بين مصلحة الموظف والعمل, ففكر في أسلوب لا تضطر فيه لبخس موظف لحساب أخر, أو أعطاء موظف تقييم عالي وهو لا يستحقه لتتمكن من راسم خط منحني في التقرير السنوي, واسعى في نهاية كل السنة أن تخرج بتائج وموظفين متطورين, وليكن التقييم السنوي لأداءك في إخراج أفضل مافي فريقك.